ملاطف حميدي
وأنت تستمع لقرع #ملاطف_حميدي الشاب الممتلئ حتى آخره بالقرع سوف تنتابك زوبعة من الدهشة ، إذ كيف يتماهى هذا الشاب الصغير سناً مع القرع ، كيف تولد أسراب من الأصوات المتداخلة بعضها البعض بهذه السلاسة على يديه ، كيف يخلق الدهشة في غضون ثوان معدودة ،و كيف يرفع لك مستوى هرمون الأدرينالين في الجسم لتضج بالطاقة ، الحماس ، الحركة..
في بداية الأمر تشعر وأنت تستمع له بأنه شخص عادي و مشابه لأقرانه ولكن بعد التحديق جيداً إليه وبعد قراءة كل انفعالاته وحركاته وبعد عدة مرات من النظر إليه والاستماع -في نفس الوقت- وهو ينزف أباريق روحه العطشة في القرع ؛ بروح شاعرة متذوقة للفن سوف ترى امتزاج هذا الشاب بالطبل "الطاسة " وكانه يتحول إلى آله موسيقية مختلفة ، شعور عجيب يجعلك تؤمن تماماً بأنه خُلِقَ من أجل الفن ..
قد تكون ضروف الحياة قاسية قد أثرت على هذه الشخصية ولكنها بصراحة استطاعت إخراج موهبة حقيقية مكبوته في قرارة النفس ، استطاعت تحفيز مارد الروح للخروج من قمقمه العتيق ،
عابث حقيقي بالطبل يستطيع تطويعه بسلاسة ..
تعبث أنامله الصغيرة بالطبل فيتشظى النغم.
وبرشاقة وتركيز يكتب قصيدة شعرية خالصة ، يتدرج عزفه ملاطف بين السريع المشتعل وبين البطيئ المترامي الأطراف وبين المتوسط المدروس بحرفية والذي ظل امتدادا لنمط يمني منذ الأزل؛ كان وما يزال رفيق الفرح الدائم لدى اليمنيين ومرافقا لهم في حفلات الأعراس والمناسبات السعيدة وذلك من خلال رقصة "البرع" - كلمة "برع" مشتقة من "يبرع" أو "البراعة -الشهيرة تلك التي تعتمد في الأساس على قارع الطبل المحترف الذي يشعل لهب المسرح ، لتبدا سمفونيات متعددة من الرقصات تتعدد اشكالها وانواعها من مكان إلى آخر (فهناك البرعة الهمدانية والتهامية والحارثية واليافعية والمأربية كلها تتميز عن الأخرى بالموسيقى المصاحبة وسرعة الحركة وعلى اختلافتها إلا أن كلها رقصات حرب وقتال ضاربة في القدم)*..
رقصة سلسة تارة وجريئة ترة أخرى ومجنونة في الغالب ؛ لأنها تمارس من خلال امتشاق الأنصال الحادة والتلويح بها في الهواء ، لتعكس براعة لا متناهية وحرفية تامة بتأقلم الفن بالجسد، الخوف بالقوة التثني بالتأهب الانسجام بالاختلاف الروح بالموسيقى الفرح بالقوة النغم بالرقص ...
ورغم كل هذا يعتبر قارع الطبل هو الفنان الوحيد الذي يفجر كل هذه التفاعلات والأحاسيس قائد كل كل هذه الأوركيسترا البديعة ..
ملاطف حميدي وأحد من الذين يصل بهم الحال في مرحلة التوحد والتماهي إلى أن يجد نفسه يتحول إلى ممسوس حقيقي يشتعل بسرعة الحركة وكأنه يفتق روحه ليهبك زهور مشاتل القرع المختلفة الألوان والانماط بعد أن يمزوجها بالروح ويلهب الجسد ويزف اصوات الفرح الى عناقيد الحركة لتثمر في ما بعداشجار السعادة الوارفة في أرواح البشر ..
#خالد_الضبيبي
#ملاطف_حميدي
تعليقات
إرسال تعليق